وطنية

الأستاذ مصطفى قريشي يناقش مقاربة “السلام الهجين” في ندوة العدالة الانتقالية بالناظور

ناظور24 طارق الشامي

شهدت الندوة الدولية الثانية حول العدالة الانتقالية، المنظمة ضمن فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور، تقديم مداخلة مميزة للأستاذ مصطفى قريشي، أستاذ القانون بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، بعنوان: “السلام الهجين: كيف يمكن التوفيق بين المبادرات الدولية والممارسات المحلية لبناء سلام حقيقي؟”. وقد ركز المتحدث على التعقيدات المتزايدة التي يعرفها العالم في سياق الصراعات المعاصرة، مؤكداً أن بناء سلام مستدام لم يعد ممكناً عبر نماذج جاهزة تُفرض من الخارج.

وأوضح قريشي أن نموذج السلام الليبرالي الذي هيمن على السياسة الدولية لعقود، والقائم على الديمقراطية التمثيلية واقتصاد السوق وسيادة القانون، أثبت محدوديته في العديد من التجارب، لأنه غالباً ما تجاهل الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمعات المتضررة من النزاعات. ومن هنا تبلور مفهوم “السلام الهجين” باعتباره إطارًا لتحليل التفاعل بين المبادرات الدولية ذات النهج الفوقي، والممارسات المحلية التي تنبع من القاعدة.

وتوقف المتحدث عند مجموعة من الإشكالات التي يعاني منها هذا التفاعل، مثل غياب التملك المحلي لاتفاقيات السلام، وتشويه المعايير الدولية عند تطبيقها في السياق المحلي، إضافة إلى الصراع بين العدالة الرسمية والمصالحة المجتمعية. واستعرض قريشي نماذج دولية من سيراليون وأيرلندا الشمالية وكولومبيا وتيمور الشرقية لإبراز كيف يمكن للسلام الهجين أن ينجح أو يتعثر بحسب قدرة الأطراف على إيجاد توازن بين المحلي والدولي.

كما قدم مجموعة من التوصيات العملية، داعياً الفاعلين الدوليين إلى اعتماد نهج قائم على الاستماع والتحليل العميق للسياق، ودعم المبادرات المحلية دون الهيمنة عليها، فيما دعا الفاعلين المحليين إلى تعزيز المشاركة المجتمعية وخاصة فئات النساء والشباب، وتطوير آليات للمساءلة لمواكبة عملية بناء السلام. أما في السياق المغربي، فقد شدّد على أهمية تفعيل توصيات الإصلاح المؤسسي ومعالجة أشكال العنف الهيكلي التي لم تُعالج بعد.

واختتم الأستاذ مصطفى قريشي مداخلته بالتأكيد على أن السلام الحقيقي لا يُستورد جاهزاً، بل يُبنى تدريجياً عبر حوار مستمر بين التجارب الدولية والمعرفة المحلية، في إطار من التواضع والإبداع والالتزام الجماعي.






مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى