ندوة وطنية حول قضية الصحراء المغربية في ضوء “القرار الأممي الأخير … الأبعاد والتطبيقات المستقبلية لمبادرة الحكم الذاتي”، تخللتها احتفالية تقديم وتوقيع الجزء الخامس لكتاب ” ذاكرة هوية وطنية…مذكرات من الداخلة” لمؤلفه الأستاذ الحسن الحويدك.

ناظور24
احتضنت دار الشباب الوحدة بمدينة العيون، ، يوم السبت 22 فبراير 2025، حدثاً وطنياً استثنائياً يليق بمكانتها كعاصمة الأقاليم الجنوبية، حيث التأم ثُلّة من الباحثين والمفكرين والشيوخ والفاعلين المدنيين والإعلاميين، استجابة لدعوة المركز الصحراوي للدراسات الاستراتيجية وحقوق الإنسان، للمشاركة في الندوة الوطنية المنظمة تحت موضوع: “قضية الصحراء المغربية في ضوء القرار الأممي الأخير… الأبعاد والتطبيقات المستقبلية لمبادرة الحكم الذاتي”.
وقد ازدانت هذه الندوة بحفل تقديم وتوقيع الجزء الخامس من خماسية “ذاكرة هوية ووطن.. مذكرات من الداخلة”، وهو العمل الذي بصم به الكاتب والباحث الحسن لحويدك مساراً أدبياً ووثائقياً متميزاً.
افتُتحت الفعاليات على إيقاع لحظة روحية خاشعة مع تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، أعقبتها لحظة وقار واعتزاز مع الإنصات الجماعي للنشيد الوطني، في أجواء احتفالية جسدت عمق الانتماء ورمزية اللحظة الوطنية التي تتقاطع فيها الذاكرة بالتاريخ، والبحث العلمي الرصين حول تطورات قضية الوطن الأولى على درب الطي النهائي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.
وفي كلمة افتتاحية اتسمت بنَفَس وطني عالٍ، أكّد رئيس المركز الصحراوي للدراسات الاستراتيجية وحقوق الإنسان أهمية انعقاد هذه الندوة، التي تأتي في سياق الاحتفالات الوطنية بعيدَي المسيرة الخضراء والاستقلال، وفي ظل التحول الدبلوماسي الكبير الذي حمله قرار مجلس الأمن 2797، الذي رسّخ مبادرة الحكم الذاتي داخل إطار السيادة المغربية باعتبارها الأفق الواقعي والوحيد لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية. وأبرز الرئيس دور المركز باعتباره مؤسسة بحثية تحرص على الإسهام في قراءة واستيعاب هذه التحولات من خلال مقاربة علمية رصينة.
ثم انطلقت الأشغال العلمية للندوة بسلسلة مداخلات تأطيرية شكلت عصب هذا اللقاء، حيث قدّم الدكتور عبد الهادي مزراري، الكاتب الصحافي والمحلل السياسي، مداخلة افتتاحية موسعة تحت عنوان: “قرار مجلس الأمن رقم 2797 والتحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية”. وقد بسط من خلالها خريطة التوازنات الإقليمية والدولية، محللاً ما حمله القرار من دلالات جديدة على مستوى مشهد جيوسياسي يتغير بسرعة، وما يتيحه من آفاق استراتيجية للمبادرة المغربية.
بعدها، كان الحضور على موعد مع المداخلة التي قدّمها الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية الأستاذ عبد الحكيم قرمان، في إطار موضوع: “قراءة قانونية وسياسية للقرار الأممي رقم 2797”.
وجاءت مداخلة الدكتور قرمان على قدر كبير من التماسك العلمي والرصانة التحليلية، حيث انطلق في تفكيك النص الأممي تفكيكاً دقيقاً، مستجلياً بنيته القانونية ومقاصده السياسية، ومتوقفاً عند لغته الدبلوماسية بما تحمله من دلالات ظاهرة ومستبطنة.
وقدّم الأستاذ قرمان قراءة استشرافية عميقة لما بعد القرار، موضحاً أن صدور القرار الأممي 2797 يمثل نقطة انعطاف تاريخية مفصلية في مسار النزاع؛ فاصلاً بين مغرب ما قبل 31 أكتوبر ومغرب فاتح نونبر 2025، حيث دخلت القضية الوطنية مرحلة جديدة تتسم بالوضوح والسيادة والانتصار الدبلوماسي. وقدّم الباحث تحليلاً يُحسب له في تقدير التحولات السياسية والقانونية التي أفرزها القرار، مسلطاً الضوء على ما يجعل المبادرة المغربية أقوى صيغة للحل وأكثرها شرعية واستقراراً.
ثم جاءت مداخلة الدكتور سعيد بوشكوك، الباحث المهتم بقضايا التنمية، لتضيف بعداً آخر للقاء، من خلال موضوع: “المبادرة المغربية لمنح جهة الصحراء نظام الحكم الذاتي: أية أبعاد؟ وأي نموذج من الشرعية؟”. وقد أبرز الباحث في عرضه تركيبة الشرعية القانونية والسياسية التي يرتكز عليها المقترح المغربي، كما استعرض رهانات الجهوية المتقدمة والتنمية الملائمة لتطلعات الساكنة.
وعقب العروض الثلاثة، تم فتح باب النقاش، فكان المنبر يعجّ بأسئلة وأفكار وملاحظات عكست وعياً عالياً لدى الحضور، وتعددت المداخلات التي حملت قراءات نقدية واقتراحات غنية، مما شكل لحظة حوارية بامتياز، طبعتها الجدية والمسؤولية والرغبة في الإسهام الفعلي في الفهم الجماعي لمخرجات القرار الأممي.
وفي جو احتفالي مفعم بالمعرفة، تم تنظيم حفل توقيع كتاب “ذاكرة هوية ووطن… مذكرات من الداخلة” لصاحبه الأستاذ الباحث الحسن لحويدك، الذي قدّم عرضاً مُلهِماً لخماسيته المتميزة، مستحضراً سياقاتها ومضامينها ورهاناتها. وقد شاركه الدكتور عبد الحكيم قرمان والدكتور عبد الهادي مزراري شهادتين نقديتين رفيعتين، ثمّنا فيهما قيمة العمل، وأشادا بمنهجيته ورصانته، وبما يحمله من توثيق دقيق لمرحلة مفصلية من تاريخ الأقاليم الجنوبية.
واختُتمت أشغال هذه الندوة الوطنية النوعية برفع برقية ولاء وإخلاص للسدة العالية بالله، أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده، سائلين العلي القدير أن يحفظ جلالته ويكلل مساعيه بالتوفيق والسداد.













