
ناظور24 طارق الشامي
في المشهد الموسيقي الريفي، يبرز اسم الأستاذ والفنان عبد المولى كأحد أبرز رموز العطاء الفني الأصيل، رجل جمع بين الفن والإنسانية، وبين الإبداع والنضال الهادئ في سبيل ترسيخ هوية موسيقية ريفية متجذّرة في الوجدان المغربي.
منذ بداياته الأولى، لم يكن عبد المولى مجرد موسيقي يعزف أو يلحن، بل كان صانع أجيال، احتضنت أنامله وملاحظاته الدقيقة مواهب شابة تحوّلت لاحقًا إلى أسماء لامعة في سماء الغناء الريفي والمغربي. بفضله، وُلدت أصوات كثيرة على الخشبة، وتفتّحت براعم الحلم الفني في ربوع الناظور والريف.
أغانيه مثل «أويار مارا توياذ» و «إخام سياغ لملاين» و «أميم إيّاما إينو» و «وحشاغ» وغيرها من الروائع، لم تكن مجرد ألحان تُطرب الآذان، بل كانت رسائل محمّلة بالوجدان، والذاكرة، والحنين، تروي قصص الناس، وتعبّر عن آمالهم وآلامهم بلغة موسيقية صادقة.
يصفه كل من عرفه عن قرب بأنه فنان متواضع وإنسان مناضل، لا يبحث عن الأضواء ولا عن الجوائز، بقدر ما يسعى إلى خدمة الفن الريفي والدفاع عن أصالته. ومع ذلك، يبقى من المؤسف أن فنانًا بهذا الحجم لم يأخذ بعد المكانة التي يستحقها من قبل الجهات الثقافية الرسمية أو الفاعلين الخواص، رغم إسهاماته الكبيرة في إثراء المشهد الموسيقي المغربي.
عبد المولى هو نموذج للفنان الذي آمن بأن الفن رسالة إنسانية قبل أن يكون مهنة، وأن اللحن يمكن أن يكون أداة مقاومة، وسبيلاً للحفاظ على الذاكرة الجماعية.
في زمن يسوده التسارع والسطحية، يظل عبد المولى شجرة راسخة في أرض الريف، جذورها ضاربة في الأصالة، وأغصانها تمتد لتظلل أجيالاً من الفنانين الشباب الذين تعلموا منه أن الفن الحقيقي لا يُقاس بعدد الأغاني، بل بعمق الأثر في النفوس.