الرئيسية

المهندس الفيتنامي إيريك فو توان… لمسة آسيوية راقية في قلب الناظور

من الرباط إلى الناظور… بصمة فنية في المركب البلدي التجاري

ناظور24 طارق الشامي

في الوقت الذي ارتبط فيه تاريخ العمران المغربي بثُلّة من الأسماء البارزة، يبرز اسم المهندس المعماري الفيتنامي إيريك فو توان كأحد الوجوه الاستثنائية التي تركت بصمتها بعمق في البلاد، خصوصاً بعد أن خطّ توقيعه على واحد من أبرز المعالم التاريخية بالمغرب: ضريح محمد الخامس بالعاصمة الرباط. غير أن حضوره المهني لم يقتصر على المشاريع الوطنية الكبرى، بل امتد أيضاً إلى مدينة الناظور، حيث تشير معطيات عديدة إلى أنه كان صاحب التصميم المعماري لـ المركب البلدي التجاري، أحد أقدم وأهم البنايات التجارية بالمدينة.

وُلد إيريك فو توان في كامبوديا من عائلة فيتنامية، قبل أن يشق طريقه نحو التميز والاعتراف الدولي بعد فوزه بـ الجائزة الكبرى لروما (Grand Prix de Rome)، وهي واحدة من أبرز الجوائز التي تُمنح للمعماريين الشباب الأكثر إبداعاً في العالم. وقد قادته هذه المكانة الرفيعة إلى المغرب مطلع ستينيات القرن الماضي، حيث أسندت إليه مهمة تصميم ضريح الملك محمد الخامس.

دامت أشغال الضريح بين 1961 و1971، وشارك فيها نحو 400 حرفي مغربي ممن أبدعوا في الزخرفة والنقش والرخام والخشب، ليخرج إلى الوجود واحد من أجمل المعالم الروحية والمعمارية في المغرب والعالم الإسلامي.

خلال فترة اشتغاله بالمغرب، واصل فو توان ترك أثره في عدد من المدن، من بينها مدينة الناظور، حيث تشير روايات محلية ومعطيات متداولة إلى أنه أشرف على تصميم المركب البلدي التجاري، المشروع الذي بُني خلال ثمانينيات القرن الماضي، والذي شكّل نقلة عمرانية وتجارية في قلب المدينة.

تميّز تصميم المركب بطابعه البسيط والمفتوح، وبناء يستحضر الوظيفة قبل الزخرفة، مع احترام خصوصيات النسيج التجاري التقليدي. هذا الطابع الوظيفي، الممزوج برؤية معمارية حديثة، جعل المركب واحداً من أهم الفضاءات التي احتضنت الحياة التجارية بالناظور لسنوات طويلة، وما يزال إلى اليوم يشكّل جزءاً من ذاكرتها الحضرية.

بعيداً عن الضريح والمركب البلدي، سجّل إيريك فو توان حضوره في المغرب عبر عدة مشاريع أخرى، مثل مقر وكالة المغرب العربي للأنباء (MAP) بالرباط، إلى جانب تصميم عدد من المساجد والمباني الإدارية.

يمثل مسار إيريك فو توان حالة إنسانية وإبداعية تجمع بين الشرق الآسيوي والمغرب، بين العمق الروحي والحداثة المعمارية، وبين الدقة الهندسية وبساطة البناء. وبفضل بصمته في الناظور، أصبح اسمه جزءاً من الذاكرة المحلية للمدينة، حيث ما زال المركب البلدي التجاري شاهداً على مرحلة عمرانية قادها مهندس عالمي بطابع استثنائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى