
ناظور24
كشف موقع “ديسكفري أليرت” الأسترالي المتخصص، أمس الإثنين، عن اكتشاف جيولوجي بارز في منطقة كلميم، يتمثل في تحديد 34 عرقاً من الكوارتز الغني بالذهب بنسب تركيز تتراوح بين 3 و300 غرام للطن، وهي مستويات استثنائية تتجاوز بكثير الحدود الاقتصادية التقليدية.
هذا الاكتشاف، الذي جاء نتيجة برنامج استكشاف منظم اعتمد على الخرائط الجيولوجية وحفر الخنادق وأخذ العينات، يضع المغرب في قلب خريطة الذهب بشمال إفريقيا، ويجعل من كلميم منطقة ذات إمكانات عالية تضاهي كبريات حقول الذهب على المستوى القاري.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الطبيعة الهيكلية لهذه الأوردة، واتجاهها الممتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وعمقها الذي يفوق 100 متر، تؤكد وجود نظام حراري مائي متوافق مع تكوينات الأطلس الصغير، مما يعزز فرص استغلالها تجارياً.
من الناحية البيئية، أوضح التقرير أن تطوير المنجم في منطقة شبه قاحلة يستدعي إدارة صارمة للموارد المائية، باعتبارها عنصراً نادراً في الجهة. وتشمل التدابير المرتقبة اعتماد بروتوكولات لإعادة تدوير المياه، والحد من انبعاث الغبار، وإعادة تأهيل المواقع المتأثرة. كما أن التعرض الكبير لأشعة الشمس يتيح إمكانية دمج حلول الطاقة المتجددة، خصوصاً الطاقة الكهروضوئية، لتشغيل العمليات.
أما على الصعيد الاجتماعي، فيُنتظر أن يوفر المشروع مكاسب ملموسة للسكان المحليين، من خلال خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتطوير المهارات، وتحسين البنية التحتية، إلى جانب إنجاز مشاريع تنموية ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية للشركات.
ووفقاً لـ”ديسكفري أليرت”، فإن دورة الانتقال من الاكتشاف إلى الإنتاج تستغرق عادة ما بين خمس وعشر سنوات، غير أن جودة رواسب كلميم قد تتيح تسريع وتيرة الاستغلال، عبر بدء الإنتاج التدريجي من المناطق الأكثر غنى. وتشمل المراحل التقنية المقبلة حملات حفر متقدمة لنمذجة توزيع الذهب، ودراسات معدنية لتحسين نسب الاستخراج، وتحليلات إحصائية لتقدير الموارد وفق المعايير الدولية، إضافة إلى دراسات الجدوى والأثر البيئي لضمان استدامة المشروع.
ويرى خبراء أن هذا الاكتشاف يأتي في سياق عالمي يشهد تنافساً محتدماً على المعادن الأساسية، ما يمنح المغرب فرصة استراتيجية لتعزيز مكانته كفاعل موثوق في قطاع التعدين، ومنافس قوي لمنتجي الذهب التاريخيين في المنطقة مثل مصر.
وباختصار، يعيد اكتشاف كلميم رسم معالم مستقبل الذهب في المغرب، فاتحاً آفاقاً صناعية وإقليمية واعدة، قد تجعل من المملكة لاعباً استراتيجياً في صناعة التعدين الإفريقية خلال السنوات المقبلة.