
بقلم: رشيد الصبار
تشهد العديد من الأحياء والمناطق الحضرية، وكذا الضواحي المحيطة بالمؤسسات التعليمية، انتشارًا ملحوظًا للكلاب الضالة، وهو ما أضحى يشكل مصدر قلق متزايد لدى أولياء الأمور والأطر التربوية على حد سواء. فقد بات التلاميذ، لا سيما في الفترات الصباحية المبكرة وعند مغادرتهم المدارس، عرضة لاعتراض طريقهم من طرف مجموعات من الكلاب السائبة، في مشهد يتكرر يوميًا دون أن يلقى الاستجابة اللازمة من الجهات المعنية.
إن تفاقم هذه الظاهرة، خصوصًا في محيط المدارس، يُعد تهديدًا مباشرًا لسلامة التلاميذ الجسدية والنفسية. وقد تم تسجيل حالات متعددة من المطاردات والترويع، بل وحتى إصابات متفاوتة الخطورة نتيجة لهجمات مباغتة، ما يستدعي تدخلاً عاجلًا واستباقيًا للحد من المخاطر المحدقة بالأطفال في طريقهم من وإلى المدرسة.
وتُعزى هذه الوضعية إلى جملة من العوامل، من بينها غياب برامج فعّالة ومستمرة لتدبير الحيوانات السائبة، والنقص في عمليات التعقيم والتلقيح، إلى جانب ضعف منظومة تدبير النفايات المنزلية، التي تساهم في جذب هذه الكلاب إلى محيط التجمعات السكانية والمؤسسات التعليمية.
ورغم بعض التدخلات الموسمية التي تقوم بها السلطات المحلية، إلا أن طابعها الظرفي يُقلّص من فعاليتها ولا يضمن استدامة الأثر المطلوب. وهو ما يستدعي اعتماد مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الصحية، والبيئية، والتربوية، وتقوم على التنسيق بين مختلف المتدخلين، من سلطات محلية، ومصالح بيطرية، وقطاعات التعليم والصحة، إلى جانب فعاليات المجتمع المدني.
إن ضمان بيئة مدرسية آمنة للتلاميذ لا ينبغي أن يظل شعارًا نظريًا، بل مسؤولية جماعية تتطلب إرادة واضحة وإجراءات ملموسة على أرض الواقع. فالأمن المدرسي لا يقتصر على حماية المؤسسات من المخاطر الداخلية، بل يشمل أيضًا تأمين محيطها الخارجي، بما يكفل حق كل طفل في الذهاب إلى مدرسته والعودة منها في ظروف تحفظ كرامته وسلامته