وطنية

حوار مع الناشط المدني رضوان لمصرف عضو الجمعية المغربية للتسيير حول المؤتمر الدولي CIAMG بطنجة الشهر الجاري

الصورة من الارشيف

نستضيف في هذا الحوار الشيق، الناشط المدني رضوان لمصرف بصفته عضوا في المجلس الإداري للجمعية المغربية للتسيير لمناقشة بعض العناوين المتعلقة بالنسخة الخامسة للمؤتمر السنوي للجمعية المغربية للتسيير الذي يستم تنظيمه مطلع الشهر الجاري بمدينة طنجة بالشمال المغربي. للإشارة فإن رضوان لمصرف يشتغل أيضا في الساحة الثقافية والمدنية مغربيا وقاريا ودوليا ويترأس منتدى بدائل المتوسط كما اشتغل في القطاع الخاص ويشرف على إدارة مكتب للدراسات والاستشارات المالية بعدما راكم تجربة مهمة في مجموعة القرض الفلاحي للمغرب.

حاوره طارق الشامي مدير موقع الناظور 24

كيف تعرف الجمعية المغربية للتسيير؟

الجمعية المغربية للتسيير مؤسسة مدنية بحثية تأسست بالرباط،عاصمة المملكة المغربية، وتعنى بالاهتمام والبحث العلمي في قضايا التسيير والتدبير والإقتصاد. كما تشكل فضاء للتبادل والحوار والتواصل مع مختلف الباحثين والخبراء وتطرح الأسئلة المهمة في السياق الراهن لمعالجتها ومحاولة الإجابة عنها وعن إشكالاتها التي نضعها فوق طاولة التشريح خلال الأنشطة والفعاليات الأكاديمية التي تنظمها الجمعية.

ما هي أهم الأنشطة التي تنظمها الجمعية ؟

تنظم الجمعية مجموعة من الأنشطة الأكاديمية بمختلف المؤسسات الأكاديمية المغربية، وتستهدف في الدرجة الأولى الطلبة خاصة الطلبة الباحثين، الذين يشتغلون بدورهم على إشكالات وقضايا الساعة في علوم التسيير. وبهذا تكون الجمعية المغربية فضاءً موازيا للمؤسسات الجامعية والمعاهد والمدارس العليا بالمغرب من أجل التعلم والتثقيف أولا ومن أجل المساهمة في النقاش العلمي والأكاديمي من جهة ثانية، وهذا ما يتجلى أساسا في المؤتمر الدولي السنوي للجمعية وفي دوراتها التدريبية والقافلة العلمية التي تنظمها الجمعية.

ستنظمون النسخة الخامسة للمؤتمر السنوي للجمعية المغربية للتسيير في موضوع التدبير المستدام كرهان في القرن الواحد والعشرين. حدثنا عن المؤتمر أكثر

المؤتمر السنوي للجمعية المغربية للتسيير هو الحدث البارز الذي دأبت الجمعية على تنظيمه منذ التأسيس، وقد التزمت الجمعية بتنظيمها للمؤتمر كل سنة، وهو فرصة مهمة لصلة الرحم العلمية ولاجتماع الأساتذة والمفكرين والعلماء مع الطلبة والباحثين الشباب لتبادل وجهات النظر في جو علمي أكاديمي يسوده احترام الرأي وتقدير السؤال، وتعمل الجمعية على طرح الأسئلة التي تساهم في تأسيس أرضية صلبة للبحث ومساحة واسعة للتفكير والتنظير. إن المؤتمر السنوي يدعو إلى التفكير و التفاكر (وهو التفكير بصيغة الجمع على حد تعبير الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن) كما يحاول المؤتمر تقديم بعض عناصر الإجابة لأهم الأسئلة التي تُطرح ويفتح آفاق البحث العلمي للطلبة الباحثين الشباب الذين يَحُجونَ إلى المؤتمر من كل أنحاء المغرب وبعض المناطقعبر العالم.

لماذا انتقلت الجمعية من مناقشة أسئلة التنافسية إلى مناقشة أسئلة التنمية والبيئة ؟ هل غيرت الجمعية مسارها الفكري ؟ أم أنه موضوع مناسباتي؟

لا يمكن فصل تنافسية الشركات مع قضايا التنمية، ولا يمكن الحديث عن التنمية المستدامة دون العودة إلى التقاطع بين الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كما لا يمكن فهم الواقع الإقتصادي والزمن التكنومالي الراهن دون العودة إلى قضيتي التنافسية والتنمية ، ذلك أن القرن الواحد والعشرين و بالرغم من تطوراته وتحولاته السريعة وتحدياته التي أربَكَت فعل التفكير إلا أنه قرن الفرص والابتكار بامتياز. هناك دراسات عِلمية تؤكدُ وجودَ علاقة قوية بين تنافسية الشركات على الأمد البعيد والتنمية المستدامة، ذلك أن المسؤولية البيئية في المرحلة الحالية تؤخذ بعين الاعتبار في كل تصورات الأعمال ودراسات الجدوى والسوق، وهناك مؤسسات مالية لا تقوم بتمويل مشاريعَ استثماريةً لا تحترم الطبيعة، وتعرف الساحة الاقتصادية العالمية تحولا ملحوظا في هذا الجانب، فأغلب سياسات التدبير داخل المقاولات تقوم بإدراج الأبعاد البيئية كما أن جل السياسات الاقتصادية عبر العالم تؤكد على تطوير مناخ الأعمال بابتكار أدوات ووسائل تأخذ بعين الاعتبار ثقافة التنافسية واحترام البيئة.
أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال فإنني أؤكد لك أن الجمعية لا تشتغل تحت الطلب من أي كان، كما أنها جمعية تجمع أطرا عليا وباحثين وخبراء يتوفرون على الحرية الفكرية والعلمية، ولديهم من الكفاءة ما يؤهلهم للتفكير والتنظير في قضايا المال والأعمال وأسئلة المستقبل والزمن الراهن ويعرفون كيف ومتى يطرحون الأفكار المناسبة في الزمكان المناسب، وإذا كانت هناك مناسبة لتسليط الضوء على قضية أو إشكالية معينة فلن تكون ط غير مناسبة السياق وأهميته لطرح السؤال والإشكال ووضع المسألة تحت المجهر لفهم طبيعة الموضوع وتشعباته. ثم إن موضوع المؤتمر السنوي لهذا العام يثير انتباه كل الفاعلين في الساحة الاقتصادية فكيف لا يثير الفاعل الأكاديمي وهو الذي يُنَظر ويحلل ويناقش بأدوات علمية وأكاديمية وفكرية؟

ما هي الفئة المستهدفة من المؤتمر ؟
كما أشرت في البداية أن المؤتمر سيجمع الباحثين الشباب بالخبراء و أساتذة التعليم العالي وبعض صناع القرار، يشارك في المؤتمر المئات من الباحثين وتُعرَضُ فيه مداخلات عميقة بلغة راقية جدا خلال التفاعل والتدافع بين الباحثين الشباب ومن أفنى حياته كلها في البحث والدراسة والتحليل، إنه مؤتمر يستقبل نخبة أكاديمية متميزة، وبذلك سيكون أهم حدث علمي، بلا منازع، يتم تنظيمه كل سنة بالمغرب.

ما هي أهم المحاور التي ستتم مناقشتها في المؤتمر وما درجة أهميتها في الظرف الحالي؟

يُقَدِّرُ مكتبُ الجمعيةِ أن كل المحاور مهمة، إذ لا يمكن تقديم محور دون آخر ، ذلك أن طبيعة الإشكالية المطروحة تستدعي طرح أسئلة معقدة ومتشعبة ولا أعتقد أن الهيئة العلمية للمؤتمر قد أخطأتِ التقديرَ حين اختارت محاور المؤتمر بعناية بالغة، ونذكر على سبيل المثال قضية الرقمنة وعلاقتها بالبيئة ومتطلبات تطوير الصناعة بالمغرب، وتسليط الضوء على التحولات المستدامة للمنظمات والمؤسسات والفكر المقاولاتي المستدام، والتمويل الأخضر، والتحديات المائية، والتدبير المستدام للقطاعات الاستراتيجية كالماء والفلاح والطاق والسياحة والصناعة والمجالات الترابية… كله هذه المحاور تكتسي أهمية بالغة والمؤتمر بحد ذاته منطلق لمناقشة هذه المحاور ونتمنى أن يستمر النقاش في الوسط الأكاديمي بعد المؤتمر .

على ذكر الوسط الأكاديمي بالمغرب ما طبيعة العلاقة بين الجمعية والمؤسسات الأكاديمية المغربية ؟

أولا الجمعية أسسها أكاديميون مغاربة يشتغلون في الساحة العلمية والأكاديمية وكلهم أساتذة التعليم العالي، من خيرة أساتذة علوم التسيير بالمغرب، وبالتالي فالعلاقة بين الجمعية والساحة الأكاديمية هي علاقة تأثير وتأثر وعلاقة إفادة واستفادة علميتين. أما بخصوص المؤسسات الأكاديمية فالجمعية منفتحة من أجل الشراكة والتعاون مع كل المؤسسات الأكاديمية والعلمية بالمغرب وخارج المغرب. والمؤتمر السنوي (أهم حدث علمي للجمعية ) يتم تنظيمه بشراكة وتنسيق وتعاون مع مجموعة من المؤسسات الأكاديمية.

هل تشتغل الجمعية المغربية للتسيير بالمغرب فقط ام تنظم أنشطة خارج الحدود؟

إلى حدود الساعة اشتغلت الجمعية في مجموعة من المدن المغربية وتنسيق مع المؤسسات العلمية المغربية، ولا أعتقد أن الجمعية ستجد حرجا في الاشتغال مع مؤسسات خارج المغرب لأن لغة العلم والبحث لا تعرف الحدود.

أنت مهني في القطاع الخاص، ورئيس منتدى بدائل المتوسط منذ 10 سنوات لماذا اخترتَ الإشتغال كعضو في الجمعية المغربية للتسيير؟

بالرغم من اشتغالي في القطاع الخاص فإني أبقى طالبا للعلم وباحثا عن المعرفة و محبا للعلم، فالجمعية المغربية للتسيير بالنسبة لي ملجأ علمي ألوذ إليه وأجد فيه ظالتي بين أساتذتي وزملائي من الباحثين الشباب ، وبالمناسبة أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لكل أعضاء الجمعية المغربية للتسيير وعلى رأسهم الدكتور محمد صابر الحسينات رئيس الجمعية على ثقتهم واشتغالهم الدائم على تطوير البحث الأكاديمي المغربي في علوم التدبير. أما رئاستي للمنتدى فهذا موضوع آخر أعتقد أن الحديث عنه لا يناسب هذا الحوار. فلكل مقام مقال كما يقال.

كيف تتصور مستقبل الجمعية المغربية للتسيير كمؤسسة تشتغل في مجال البحث العلمي مع العلم ان البحث العلمي بالمغرب حسب الإحصائيات ضعيف جدا ؟

لذلك تحملت الجمعية على عاتقها منذ تأسيسها مسؤولية تطوير الساحة والمساهمة في تعزيز البحث العلمي والعمل الأكاديمي بالمغرب، وهذا يظهر من خلال طبيعة أنشطتها وبرامجها وإصدارها لمجلة علمية تعنى بمدارسة ومباحثة قضايا وتيمات وعناوين مختلفة، وفي المقابل لا يمكن أن نبخس مجهودات الباحثين، بل يجب علينا أن نعترف بكل مجهودات الآخرين، ونقدر كل مجهود مهما صغُر. بالفعل تحتاج مختبراتنا البحثية إلى تطوير وكذلك يحتاج العمل الأكاديمي والبحث العلمي إلى مزيد من التقدم ومزيد من التطور وهذا نضال والنضال يحتاج إلى نفس طويل ونحن في الجمعية المغربية للتسيير نملك هذا النفس الطويل.
وستواصل الجمعية اشتغالها على المستوى الوطني كما أنها ستنتقل للإنفتاح على المحيط الدولي للجمعية، بمعنى الاشتغال مع جمعيات عالمة أخرى لها نفس الأهداف والمبادئ والتصورات وتشتغل في نفس ميدان الجمعية المغربية للتسيير وهو علم التسيير وعلم الإقتصاد، كما ستمر الجمعية إلى السرعة القصوى من خلال المساهمة أيضا في إثراء الأنشطة العلمية الوطنية ومواكبة أنشطة وفعاليات المختبرات البحثية في الساحة الجامعية، بالإضافة إلى الرفع من مستوى الإنتاج العلمي لكي يتمكن الباحثون والأكاديميون(بمافيهم الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه والأستاذة الجامعيون الشباب) من نشر أعمالهم العلمية في المجلات المحكمة الدولية، حتى نساهم في الرفع من مستوى الجامعات المغربية في مؤشر تصنيف الجامعات المغربية على المستوى الدولي، هكذا ستكون الجمعية المغربية للتسيير قد انخرطت في مسار الرفع من شأن الجامعات المغربية وقيمتها وتصنيفها دوليا. ومن جملة الأمور التي ستطورها الجمعية أيضا هو الانفتاح أكثر على القطاعات الإنتاجية والصناعية في الإقتصاد المغربي، خاصة مع التطورات التي تعرفها الساحة الأكاديمية المغربية التي ستسمح بتحسين الوضعية المادية للطلبة الباحثين وتسخير وقتهم للبحث العلمي والتركيز أكثر على البحث نظريا وميدانيا كي يتحرر البحث العلمي داخل الجامعة من الشق النظري فحسب، بل سينتقل إلى مرحلة البحث خارج أسوار المكتبات والجامعات إلى معرفة طبيعة الاشتغال داخل المؤسسات المالية والشركات والانخراط الفعلي في المحيط السوسيواقتصادي للجامعة وهذا سيؤثر بشكل إيجابي على التنمية الاقتصادية والمستدامة والشاملة كما سيرفع أيضا من مستوى تنافسية الشركات المغربية وتقوية النسيج المقاولاتي بالمغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى